محتويات
الصلاة
الصلاةُ ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، ولها مَكانةٌ عظيمةٌ في الدين الإسلامي؛ حيث وردت آياتٌ كثيرةٌ تحثّ عليها وعلى التمسّك بها. اقتَرنت الصلاة في كتاب الله بأمورٍ عدّة، فمرّةً نراها تَقترنُ بالفلاح كقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)[١] ومرّةً أخرى نراها تقترن بالصبر في قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)[٢] حثّ الإسلام على المُداومة على الصلاة في السفر والحضر، وفي حالة الأمن والخوف، وأنكَر على من يترك الصلاة أو يتهاون في أدائِها.[٣]
صلاة التراويح
صلاة التراويح لها فضلٌ عظيم، ولقيام رمضان وصيامه أيضاً الأجرُ العظيم؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه أبِو هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ).[٤]
التراويح لغةً
التراويح لغةً: هي الجمع من ترويحة، وترويحة النفس تعني استراحة النفس وراحتها، أي ذهاب المشقّة والتعب، وتُطلقُ على شكل الجلسةِ وهيئتها، ولذلك أُطلق على الجلسة التي تكون بعد الأربع ركعات في ليالي شهر رمضان بالترويحة أي الاستراحة، ولذلك جاءت التسمية بصلاة التراويح؛ حيث إنّ المُصلّين يُطيلون الصلاة في القيام في شهر رمضان ، ويجلسون بعد الانتهاء من صلاة أربع ركعاتٍ للاستراحة.[٥]
التراويح اصطلاحاً
التراويح اصطلاحاً هي الصلاة المَسنونة التي يُصلّيها المُسلم في ليالي شهر رمضان المبارك، مثنى مثنى،[٦] وصلاة التَّراويح تُصلَّى في شهرِ رمضان بعد صلاة العشاء إلى طُلوعِ الفجر.
صِفة صلاة التَّراويح
يُسَنُّ أن تُصلَّى صلاة التَّراويح بالمسجد مع الجَماعة، ويُصلِّي الإمام بالمُصلِّين كلّ رَكعتين بسلام، أو كلّ أربع ركعات بسلام، مرّةً يفعلُ هذا، ومرةً هذا، وذلكَ إحياءً لسُنَّةِ المُصطفى - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - وقد ورد في حديث السيدة عائشة أم المؤمنين أنّ صلاة الرسول كانت أحياناً مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين وأحياناً أربعاً أربعاً يَفصل بين كلّ ركعتين بالجلوس بينهما جلسة تتوسّطهما، ومن السنّة أيضاً في صلاة التراويح أن يُطيل المُصلّي في صلاته وخاصّةً في العشر الأواخر، وذلك بأن يُطيل القيام في الصلاة، ورُكوعها، وسُجودها.[٧]
صلاة التراويح في البيت
تُعدّ صلاة التراويح جزءاً من قيام ليالي شهر رمضان، الذي أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقيامه، وهي سنةٌ مؤكّدةٌ للرجال والنِّساء، لما وَرد عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ)، ولفظ (من قام) في الحديث يَدلّ على الرجالِ والنِّساء، فاللفظُ جاء مُطلقاً، والنّبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلّ جميع ليالي شهر رمضان في المسجد، وفي الوقت نفسهِ لم يترك قيام الليل أو صلاة التراويح في رمضان، وقد وَصفت أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - صلاة النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقيامه في شهر رمضان، وهذا يَدُل على أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يُصلي التراويح في بعض ليالي رمضان في البيت منفرداً.
تُصلّى صلاة التراويح في البيت بالكيفيّة نفسها التي تُصلّى بها في المسجد، والتي ذُكرت في صفة صلاة التراويح سابقاً.[٨]
حكم صلاة التراويح
صلاة التراويح سنّةٌ مؤكدةٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال بذلك الحنفية والحنابلة، وبعض المالكية،[٩]، وقد رغّب النّبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام رمضان وحثّ عليه، والتزوّد من العبادة فيه، فقد رُوي عَن أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- أنّه قالَ: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يرغِّبُ في قيامِ رمضانَ مِن غيرِ أن يأمرَهم بعزيمةٍ ثُمَّ يَقولُ مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ فتوفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ والأمرُ علَى ذلِكَ ثمَّ كانَ الأمرُ علَى ذلِكَ في خلافةِ أبي بَكرٍ رضي اللهُ عنهُ وصدرًا مِن خلافةِ عُمرَ رضي اللهُ عنهُ وفي روايةٍ مَن صامَ رمضانَ وقامَهُ).[١٠]
قال بعض العلماء: المُراد من الحديث الحثّ والتَرغيب على صلاة التروايح، وقد صلَّى رسول اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - صلاةَ التراويح بأصحابِهِ في المسجدِ في بعضِ الليالي ولم يواظب على فعلِها، وبيَّنَ العلماء أنَّ تَركَ المُواظبةِ مِنْ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - خشيةَ أن تُفرضُ عليهِم فيعجزوا عن فعلها.[١١]
رُوي عن النُّعمان بن بشير - رضيَ اللهُ عنهُما - قال: (قُمْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ليلةَ ثلاثٍ وعشرين في شهرِ رمضانَ إلى ثلثِ الليلِ الأولِ، ثم قمْنا معه ليلةَ خمسٍ وعشرين إلى نصف الليلِ، ثم قام بنا ليلةَ سبعٍ وعشرين حتى ظننَّا أن لا ندرِكَ الفلاحَ، قال : وكنا ندعو السَّحورَ الفلاحَ).[١٢]
حافَظَ الخُلفاء الرَّاشدون والمُسلِمون على صلاةِ التَّراويح، وكانَ عُمر بن الخطَّاب - رضيَ اللهُ عنهُ - أوّل من جمعَ النَّاس في صلاةِ التَّراويح على إمامٍ واحد، فقد كانَ النَّاس يُصلُّون مُتفرِّقين، فأمرَ عُمر -رضيَ اللهُ عنهُ - فجمعَ النَّاس على قارئٍ واحد، وهو أُبيّ بن كعب.[١٣]
عدد ركعات صلاة التراويح
وردت أحاديث كثيرة في الأمر بقيامِ رمضان والحثّ عليه من غير تخصيصٍ لعددٍ مُعيّن من الركعات التي يُصلّيها المسلم، والأحاديث الواردة في قيام شهر رمضان كثيرة، لم يثبت في أيٍّ منها أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة التراويح عشرين ركعة، وإنما ذُكر عنه أنّه صلى ليالي في المسجد دون ذكر عددها.[١٤]،
يَذكر ابن تيميّة بأنّ الأحاديث التي تتعلّق بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للتراويح وأنّه صلاها عشرين ركعة هي أحاديثٌ شَديدة الضعف ولا يؤخذ بها،[١٥] أمّا صلاة التراويح في المسجد في زمن الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقد اختلف العلماء في عدد ركعاتها إلى عدة أقوال على النحو الآتي:
القول الأول
ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أنّ صلاة التراويح عشرون ركعة، هكذا كانت تُصلّى في زمان عمر - رضي الله عنه -؛ حيثُ جمع الناس في شهر رمضان المبارك، فصلّى بهم أُبيّ بن كعب - رضي الله عنه - عشرين ركعة، ولم يُنكر أحد من الصحابة ذلك في وقته، فيكون هذا إجماعاً منهم على فعل عمر.[١٦]
القول الثاني
ذهب المالكيّة إلى أنّ قيام رمضان عشرين ركعة أو ستّ وثلاثين ركعة على العددين جائز، ذلك لأنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يُقيمون رمضان في المساجد بعشرين ركعة، ثم بعد ذلك يوترون بثلاث ركعات، ثم صلوا ستاً وثلاثين ركعة في زمن عمر بن عبد العزيز.[١٧]
القول الثالث
ذهب البعض من الحنفية إلى أنّ السنّة في صلاة التراويح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرة ركعة بالوتر في المسجد، وقال الحنفيّة أيضاً إنّ من صلّى العشرين ركعة فهي سُنَّةُ الخُلفاء الرَّاشدين، ولا بأس باتّباع الخلفاء الراشدين فهم كالنجوم يُهتدى بهم،[١٨] واستدلّوا بما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (عليكم بسنّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المهديين من بعدي، تمسَّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذِ).[١٩]
ورُوي عن السيدة عائشة أم المؤمنين، أنّها قالت: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يصلِّي فيما بين أن يفرغَ من صلاةِ العشاءِ (وهي التي يدعو الناسُ العتمَةَ) إلى الفجرِ إحدى عشرةَ ركعةً، يسلِّمُ بين كلِّ ركعتَينِ، ويوتر بواحدةٍ؛ فإذا سكت المُؤذِّنُ من صلاةِ الفجرِ، وتبيَّن له الفجرُ، وجاءه المؤذنُ قام فركع ركعتَين خفيفتَينِ، ثم اضطجع على شِقِّه الأيمنِ، حتى يأتيه المُؤذِّنُ للإقامةِ، وفي رواية: بمثله. غير أنّه لم يذكر: وتبيَّن له الفجرُ، وجاءه المُؤذِّنُ ولم يذكر: الإقامةَ).[٢٠]
وسُئِلت عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: (كيف كانت صلاةُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في رمضانَ؟ فقالت: ما كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يَزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ على إحدى عشرةَ ركعةً، يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنَّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا. قالت عائشةُ: فقلتُ : يا رسولَ اللهِ، أتنامُ قبلَ أن تُوتِرَ؟ فقال: يا عائشةُ، إنَّ عيني تنامانِ ولا ينامُ قلبي).[٢١]
المراجع
المقالات المتعلقة بكيف أصلي صلاة التراويح في البيت